للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[إشراف عثمان على الناس واستشهاده إياهم بسوابقه]

وقد ثبت أن عثمان أشرف عليهم وقال: أفيكم ابنا محدوج؟ أنشدكما الله ألتسما تعلمان أن عمر قال: إن ربيعة فاجر أو غادر، وإني والله لا أجعل فرائضهم وفرائض قوم جاءوا من مسيرة شهر، وإنما مهر أحدهم عند [طبيبه] ١٩٤. وإني زدتهم في غزاة واحدة خمسمائة، حتى ألحقتهم بهم؟ قالوا: بلى.

قال: أذكركما الله ألستما تعلمان أنكما أتيتماني، فقلتما: إن كندة آكلة رأس، وإن ربيعة هي الرأس، وإن الأشعث بن قيس قد أكلهم. فنزعته واستعملتكما؟ قالا: بلي.

قال: اللهم إنهم كفروا معروفي، وبدلوا نعمتي، فلا ترضهم عن إمامهم، ولا ترض إمامًا عنهم.

وقد روى عبد الله بن عامر بن ربيعة قال: كنت مع عثمان في الدار، فقال: أعزم على كل من رأى أن عليه سمعًا وطاعة إلا كف يده وسلاحه١٩٥.


١٩٤ كذا في طبعة الشيخ الخطيب، لكن في: ب، ج، ز: "طسه" وفي "د": "طنيه" وهو ما نختاره، والطني: الفجور، والتهمة، وفي رواية خليفة بن خياط: ١٤٩/١ طنبه: وهو سير يوصل بوتر القوس. س.
١٩٥ الذي يدل عليه مجموع الأخبار عن موقف عثمان من أمر الدفاع عن أو الاستسلام للأقدار، هو أنه كان يكره الفتنة، ويتقي الله في دماء المسلمين. إلا أنه صار في آخر الأمر يود لو كانت لديه قوة راجحة يهابها البغاة، فيرتدعون عن بغيهم، بلا حاجة إلى استعمال السلاح للوصول إلى هذه النتيجة، وقبل أن تبلغ الأمور مبلغها عرض عليه معاوية أن يرسل إليه قوة من جند الشام تكون رهن إشارته، فأبى أن يضيق على أهل دار الهجرة بجند يساكنهم "الطبري: ١٠١: ٥"، وأن لا يظن أن الجرأة تبلغ بفريق من إخوانه المسلمين إلى أن يتكالبوا على دم أول مهاجر إلى الله في سبيل دينه. فلما تذاءب عليه البغاة، واعتقد أن الدفاع عنه تسفك فيه الدماء جزافًا، عزم على كل من له عليهم سمع وطاعة أن يكفوا أيديهم وأسلحتهم عن مزالق العنف.
والأخبار بذلك مستفيضة فلي مصادر أوليائه وشانئيه. على أنه لو ظهرت في الميدان قوة منظمة ذات هيبة تقف في وجوه الثوار، وتضع حدًّا لغطرستهم وجاهليتهم، لارتاح عثمان لذلك وسر به، مع ما هو مطئمن إليه من أنه لن يموت إلا شهيدًا. "خ".

<<  <   >  >>