للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[بحث موجز للشيخ محب الدين الخطيب في شأن الصحابة]

الإسلام الأولون، وما كانوا عليه من المحبة والتعاون على الحق والخير، وكيف شوه المغرضون جال سيرتهم وكل ذلك إتماما لبحث هذا الكتاب:

. قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "بدأ الإسلام غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء" رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه وقد سئل صلى الله عليه وآله وسلم عن الغرباء فقال: " الذين يحيون ما أمات الناس من سنتي ".

ومن غربة الإسلام بعد البطون الثلاثة الأولى، وهي القرون التي شهد لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالخيرية في قوله: "خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم" قال عمران بن حصين: فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثا.

وتحديد ذلك إلى نهاية الدولة الأموية، وقد يلتحق به زمن الخلفاء الأولين من بني العباس.

أجل ومن غربة الإسلام، ظهور مؤلفين شوهوا التاريخ تقريبا للشيطان أو الحكام، فزعموا أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يكونوا إخوانا في الله، ولم يكونوا رحماء بينهم، وإنما كانوا أعداء يلعبن بعضهم بعضا، ويمكر بعضهم ببعض، وينافق بعضهم لبعض، ويتآمر بعضهم على بعض، بغيا وعدوانا.

لقد كذبوا*، وكان أبو بكر وعمر وعثمان وعلي أسمى من ذلك وأنبل. وكانت بنو هاشم وبنو أمية أوفى من ذلك لإسلامهما ورحمهما وقرابتهما، وأوثق صلة وأعظم تعاونا على الحق والخير.

حدثني بعض الذين لقيتهم في ثغر البصرة لما كنت معتقلا في سجن الإنكليز سنة ١٣٣٢هـ أن رجلا من العرب يعرفونه، كان ينتقل بين بعض قرى إيران فقتله القرويون لما علموا أن اسمه عمر قلت: وأي بأس يرونه باسم عمر؟ قالوا حبا بأمير المؤمنين علي: قلت وكيف يكونون من شيعة علي، وهم يجهلون أن عليا سمى أبناءه - بعد الحسن والحسين ومحمد بن الحنفية- بأسماء أصدقائه وإخوانه في الله أبي بكر وعمر وعثمان رضوان الله تعالى عليهم جميعا. وأم كلثوم الكبرى بنت علي بن أبي طالب كانت زوجة لعمر ابن الخطاب، ولدت له زيدا ورقية ... وعبد الله بن جعفر ذي الجناحين ابن أبي طالب سمى أحد بنيه باسم أبي بكر وسمى ابنا آخر له باسم معاوية، ومعاوية هذا- أي ابن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب سمى أحد


* من أعظم الأدلة على كذبهم ثناء الله سبحانه في القرآن على الصحابةى في آيات كثيرة- ذكر بعضها في أول هذا الكتاب - وقد قال تعالى في وصفهم: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: ٢٩] ، {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: ١١٠] .

<<  <   >  >>