للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الطائفتان كانتا على حق والبغات على عثمان ليسوا من إحداهما]

إلى الحق"٢٩١ فبين أن كل طائفة "منهما" تتعلق بالحق، ولكن طائفة علي أدنى إليه. ٢٩٢ وقال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات: ٩] فلم يخرجهم عن الإيمان بالبغي بالتأويل، ولا سلبهم اسم الأخوة بقوله بعده: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: ١٠] .


=
والخوارج على الرغم من ضلالهم وانحرافهم، لم يعرفوا بالكذب كالرافضة الذين ينكرون الأحاديث الصحيحة، ويضعون الأحاديث المكذوبة على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويؤولون آيات القرآن الكريم حسب أهوائهم. "م".
٢٩١ في صحيح مسلم: "ك١٢ ح١٥٠ ج٣ صـ ١١٣" من حديث أبي سعيد الخدري: "تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين يقتلها أولى الطائفتين بالحق". "خ".
٢٩٢ أهل السنة المحمدية يدينون لله على أن عليًّا ومعاوية ومن معهما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانوا جميعًا من أهل الحق، وكانوا مخلصين في ذلك. والذي اختلفوا فيه إنما اختلفوا عن اجتهاد، كما يختلف المجتهدون في كل ما يختلفون فيه. وهم لإخلاصهم في اجتهادهم مثابون عليه في حالتي الإصابة والخطأ وثواب المصيب أضعاف ثواب المخطيء، وليس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بشر معصوم عن أن يخطيء وقد يخطيء بعضهم في أمور ويصيب في أخرى، وكذلك الآخرون، ومن مرق عن الحق في إثارة الفتنة الأولى على عثمان لا يعد من إحدى الطائفتين اللتين على الحق، وإن قاتل معها والتحق بها؛ لأن الذين تلوثت أيديهم ونياتهم وقلوبهم بالبغي الظالم على أمير المؤمنين عثمان -كائنًا من كانوا- استحقوا إقامة الحد الشرعي عليهم سواء استطاع ولي الأمر أن يقيم عليهم هذا الحد أو لم يستطع، وفي حالة عدم استطاعته فإن مواصلتهم تسعير القتال بين صالحي المسلمين كلما أحسوا منهم بالعزم على الإصلاح والتآخي -كما فعلوا في وقعة الجمل وبعدها- يعد إصرارًا منهم على الاستمرار في الإجرام ما داموا على ذلك.
فإن قلنا إن الطائفتين كانتا من أهل الحق فإنما نريد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذين كانوا من الطائفتين ومن سار معهم على سنته صلى الله عليه وآله وسلم من التابعين، ونرى أن عليًّا المبشر بالجنة أعلى مقاما عند الله من معاوية خال المؤمنين وصاحب رسول الله رب العالمين، وكلاهما من أهل
=

<<  <   >  >>