١١٥ كنت فيما مضى أعجب كيف تكون هذه الآية نزلت في الوليد بن عقبة، ويسميه الله فاسقًا، ثم تبقى له في نفس خليفتي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبي بكر وعمر المكانة التي سجلها له التاريخ، وأوردنا الأمثلة عليها في هامش صـ ٩٨ عند استعراضنا ماضيه في بضعة عشر عامًا قبل أن يوليه عثمان الكوفة، إن هذا التناقض -بين ثقة أبي بكر وعمر بالوليد بن عقبة، وبين ما كان ينبغي أن يعامل به لو أن الله سماه فاسقًا- حملني على الشك في أن تكون الآية نزلت فيه، لا استبعادًا لوقوع أمر من الوليد يعد به فاسقًا، ولكن استبعادًا لأن يكون الموصوم بالفسق في صريح القرآن محل الثقة من رجلين لا نعرف في أولياء الله عز وجل بعد رسوله صلى الله عليه وآله وسلم من هو أقرب إلى الله منهما. وبعد أن ساورني هذا الشك أعدت النظر في الأخبار التي وردت عن سبب نزول الآية: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .} ، فلما عكفت على دراستها وجدتها موقوفة على مجاهد، أو قتادة، أو ابن أبي ليلى، أو يزيد بن رومان، ولم يذكر أحد منهم أسماء رواة هذه الأخبار في مدة مائة سنة أو أكثر مرت بين أيامهم وزمن الحادث، وهذه المائة من السنين حافلة بالرواة من مشارب مختلفة، وإن الذين لهم هوىً في تسويء سمعة مثل الوليد ومن هم أعظم مقامًا من الوليد قد ملأوا الدنيا أخبارًا مريبة ليس لها قيمة علمية، وما دام رواة تلك الأخبار في سبب نزول الآية مجهولين من علماء الجرح والتعديل بعد الرجال الموقوفة هذه الأخبار عليهم، وعلماء الجرح والتعديل لا يعرفون من أمرهم حتى ولا أسماءهم، فمن غير الجائز شرعًا وتاريخًا الحكم بصحة هذه الأخبار المنقطعة التي لا نسب لها، وهناك خبران موصولان =