للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الولاية اجتهاد على ولي أقاربه]

والولاية اجتهاد١٠٩، وقد عزل عمر سعد بن أبي وقاص، وقدم أقل


= الوليد يلي لأبي بكر صدقات قضاعة، ثم لما عزم الصديق على فتح الشام كان الوليد عنده بمنزلة عمرو بن العاص في الحرمة والثقة والكرامة، فكتب إلى عمرو بن العاص وإلى الوليد بن عقبة يدعوهما لقيادة فيالق الجهاد، فسار ابن العاص بلواء الإسلام نحو فلسطين، وسار الوليد بن عقبة قائدًا على شرق الأردن "الطبري ٢٩: ٤-٣٠"، ثم رأينا الوليد في سنة ١٥ أميرًا على بلاد بني تغلب وعرب الجزيرة "الطبري ١٥٥: ٤" يحمي ظهور المجاهدين في شمال الشام لئلًا يؤتوا من خلفهم، فكانت تحت قيادته ربيعة وتنوخ مسلمهم وكافرهم، وانتهز الوليد بن عقبة فرصة ولايته وقيادته على هذه الجهة التي كانت لا تزال مليئة بنصارى القبائل العربية فكان -مع جهاده الحربي وعمله الإداري- داعيًا إلى الله يستعمل جميع أساليب الحكمة الموعظة الحسنة لحمل نصارى أياد وتغلب على أن يكونوا مسلمين كسائر العرب، وهربت منه إياد إلى الأناضول وهو تحت حكم البيزنطيين، فحمل الوليد خليفته عمر على كتابة كتاب تهديد إلى قيصر القسطنطينية بأن يردهم إلى حدود الدولة الإسلامية. وحاولت تغلب أن تتمرد على الوليد في نشره الدعوة الإسلامية بين شبابها وأطفالها، فغضب غضبته المضرية المؤيدة بالإيمان الإسلامي، وقال فيهم كلمته المشهورة:
إذا ما عصبت الرأس مني بمشوذ ... فغيّك مني تغلب ابنة وائل
وبلغت هذه الكلمة عمر، فخاف أن يبطش قائده الشاب بنصارى تغلب، فيفلت من يده زمامهم في الوقت الذي يحاربون فيه مع المسلمين حمية للعروبة، فكف عنهم يد الوليد ونحاه عن منطقتهم، وبهذا الماضي المجيد جاء الوليد في خلافة عثمان فتولى الكوفة له، وكان من خير ولاتها عدلًا ورفقًا وإحسانًا، وكانت جيوشه مدة ولايته على الكوفة تسير في آفاق الشرق فاتحة ظافرة موفقة على ما سنذكره فيما بعد. "خ".
١٠٩ للمؤلف في أواخر هذا الكتاب فصل عنوانه "نكتة" أشار فيه إلى المعاني والحقائق التي يلاحظها ولي الأمر عند اجتهاده في تولية الولاة وعزلهم، وذلك لفقه عظيم ومعارف بديعة بينها أئمة الإسلام وعلماؤه في الفصول التي عقدوها للإمامة وسياسة الدولة في كتبهم المصنفة في أصول الدين، وقد زعم طاغية الشيعة ومدلسهم الحسن بن المطهر الحلي في كتابه "منهاج الكرامة" أن عثمان ولَّى أمور المسلمين من لا يصلح للولاية، فأجابه شيخ الإسلام ابن تيمية في: منهاج السنة: ١٧٣: ٣-١٧٦ أن عليًّا رضي الله عنه ولَّى زياد بن أبي سفيان وولى الأشتر النخعي وولى محمد بن أبي بكر وأمثال هؤلاء، ولا يشك عاقل أن معاوية بن أبي سفيان كان خيرًا من هؤلاء كلهم، قال: ومن العجب أن الشيعة ينكرون على عثمان أنه ولى أقاربه من بني أمية، ومعلوم أن عليًّا ولى =

<<  <   >  >>