للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن العجب أن يؤخذ عليه في أمر فعله عمر، فقد روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سجن ابن مسعود في نفر من الصحابة سنة بالمدينة حتى استشهد، فأطلقهم عثمان؛ وكان سجنهم لأن القوم أكثروا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم٩٠.

ووقع بين أبي ذر ومعاوية كلام، وكان أبو ذر يطلق من الكلام ما لم يكن يقوله في زمان عمر، فأعلم معاوية بذلك عثمان، وخشي من العامة أن تثور منهم فتنة، فإن أبا ذر كان يحملهم على التزهد وأمور لا يحتملها


= يحسن التصرف فيه يما يرضى الله، ويزيد المسلمين قوة وسعادة وعزًّا، فإن كان تاجرًا فمن طريق التجارة، أو مزارعًا فمن طريق الزراعة، أو صاحب مصنع فمن طريق الصناعة، والإسلام في دور قيامه استفاد من ثروة أغنياء الصحابة عونًا ويسرًا وقوة، وتجارة التاجر المسلم إذا أغنت المسلمين عن متاجر أعدائهم تعتبر قوة لهم بقدر ما يصدق صاحبها في هذه النية، وكذلك مصنع الصانع المسلم، وزراعة الزارع المسلم، والنية في هذه الأمور أمرها عظيم، وميزانها العمل عندما تمس الحاجة إليه، وبالجملة فإن للمسلم أن يكون غنيًّا بلا تحديد، بشرط أن يكون ذلك من حلّه، وأن يكتفي منه بما يكفيه بالمعروف، محاولًا دائمًا أن يحرر نفسه من العبودية والانقياد للكماليات فضلًا عن توافِهِ الحضارة وسفاسفها، وبعد أن يؤدي زكاة ما يملك يعتبر ما زاد عن حاجته كالأمانة لله تحت يده، فيتصرف فيه بما يزيد المسلمين ثروة وقوة ويسرًا وعزًّا وسعادة، أما طريقة أبي ذرٍّ في أن لا يبين المسلم وعنده مال، فليست الآن من مصلحة المسلمين، وطريقة أغنياء المسلمين الآن -في أن يعيشوا لأنفسهم ومتعهم غير مبالين بعزة الإسلام وقوة دولته وحاجة أهله- فليست من الإسلام، والإسلام لا يعرف الذين لا يعرفونه."خ".
٩٠ في كتاب الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم: ١٣٩:٢ خبر مرسل رواه شعبة عن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه "إبرهيم بن عبد الرحمن بن عوف" قال: قال عمر لابن مسعود ولأبي الدرداء ولأبي ذرٍّ "ما هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم"، قال: وأحسبه لم يدعهم أن يخرجوا من المدينة حتى مات، وقد نبه ابن حزم على أن هذا الخبر مرسل، ولا يجوز الاحتجاج به، وعلق عليه الشيخ أحمد شاكر بأن البيهقي وافق ابن حزم على أن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف "المتوفى سنة ٦٦ أو ٦٥ عن ٧٥ سنة" لم يسمع من عمر، ولست أدري هل اعتمد ابن العربي في هذه الفقرة على هذا الخبر المرسل أم على خبر آخر لم نطلع عليه."خ".

<<  <   >  >>