للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذه الأخبار الصحاح كلها تعطيك أن ابن عمر كان مسلما في أمرة يزيد، وأنه بايع عقد له والتزم ما التزم الناس، ودخل فيما دخل فيه المسلمون، وحرم على نفسه ومن إليه بعد ذلك أن يخرج على هذا أو ينقضه.

وظهر لك أن قول من قال: غن معاوية كذب في قوله بايع ابن عمر ولم يبايع، وان ابن عمر وأصحابه سئلوا فقالوا لم نبايع فقد كذب.

وقد صدق البخاري في روايته قول معاوية على المنبر أن ابن عمر قد بايع بإقرار ابن عمر ذلك وتسليمه له وتماديه عليه.

فأي الفريقين أحق بالصديق إن كنتم تعلمو؟ الفريق الذي فيه البخاري، أم الذي فيه غيره؟

فخذوا لأنسفكم بالأحزم والأصح، أو اسكتوا عن الكل، والله يتولى توفيقكم وحفظكم.

والصاحب الذي كنى عنه حميد بن عبد الرحمن هو ابن عمر، والله أعلم. وإن كان غيره فقد أجمع رجلان عظيمان على هذه المقالة وهي تعضد ما أصلنا لكم من أو ولاية المفضول نافذة وغن كان هنالك من هو أفضل منه إذا عقدت له. ولما في حلها- أو طلب الأفضل- من استباحة ما لا يباح، وتشتيت الكلمة، وتفريق أمر الأمة.

فإن قيل: كان يزيد خمارا. قلنا: لا يحل٤٤٠ إلا بشاهدين، فمن شهد بذلك عليه٤٤١ بل شهد العدول بعدالته فروى يحيى بن بكير عن الليث


٤٤٠ وفي نسخة حد. س.
٤٤١ أن معاوية - مع شديد حبه ليزيد، لألمعيته واكتمال مواهبه- آثر أن ينشأ بعيدا عنه في أحضان الفطرة، وخشونة البداوية وشهامتها، ليستكمل الصفات اللائقة بالمهمة التي تنتظر أثماله، فبعث به إلى أخبية البادية عند اخواله منقضاعة، ليكون على مذب أمة ميسون بنت بجدل يوم قالت:
لبيت تخفق الأرواح فيه
أحب إلى من عصر منيف
وفي ذلك الوسط أمضى يزيد زمن صباه وصدر شبابه، وما لبث أن انتقل أبوه إلى رحمة الله حتى تولى المركز الذي أراده الله له. فلما خلا الجو لابن الزبير بموت معاوية صار دعاته يذيعون في الحجاز الأكاذيب على يزيد
=

<<  <   >  >>