من الله، ومدد من هداه, ظلت, وستظل المصدر الأول لكل ثقافة، والمرجع الأساسي لكل علم، والمحرك العظيم لأي حضارة ...
أقر بهذا من أقر، وجهله من جهله، وأنكره من أنكر ...
وموسوعة الثقافة الإسلامية هذه وسعت بين دفاتها عقولًا، وأممًا، ومدارس، واتجاهات, وصاغت كل أولئك صياغة إسلامية موفقة, وباهرة.
ولم يكن بناة هذه الحضارة ودعاتها وأساتذتها من العرب وحدهم، بصفتهم هم أول من تلقى الوحي، وآمن به.
وإنما شارك في ثراء هذه الحضارة الفكرية أجيال من المفكرين والعلماء والأئمة مذكورون ومسطورون في أعز وأغلى صفحات الفكر الإسلامي والإنساني.
إن الحضارة الفكرية الإسلامية لم تكن، ولن تكون ملكًا لأمة من الأمم, أو دولة من الدول، أو جيل من الأجيال, بحيث يحق لأي فرد أو جماعة أن يحتفظ لنفسه أو لأمته بحقوق التأليف والنشر والتصرف.
لأن هذه الثقافة ثقافة مرتبطة بالوحي الذي أنزله الله، لهداية البشر، كل البشر.
٢- وكانت السمة الغالبة على هذه الثقافة: الحرية، والاجتهاد، والاختيار, وتلك ميزات نعرفها للثقافة التي تتفاعل مع الإنسان، كل إنسان، وتتعامل مع الزمان، كل زمان، وتنداح حتى تستوعب المكان, كل مكان.
وظل باب الاجتهاد في هذه الثقافة مفتوحًا، على كل مصاريعه؛ ليقول كلمة الحق في كل ما يعتري المسيرة البشرية من مشكلات وتطلعات وارتباطات.