للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلام؛ أصولها وفروعها، ودِقّها وجِلّها سوى علم القراءات (١). فإن ذُكِرَ التفسير فهو حامل لوائه (٢)، وإن عُدّ الفقهاء فهو مجتهدهم المطلق، وإن حضر الحفَّاظ نطقَ وخَرِسوا، وسَرَد وَأَبْلَسوا، واستغنى وأفلسوا. وإن سُمِّي المتكلّمون فهو فَرْدهم وإليه مرجعهم، وإن لاح ابن سينا يَقْدم الفلاسفة فلَّسهم (٣) وتيَّسَهم، وهتك أستارهم، وكشف عُوارهم (٤)، وله يدٌ طولى في معرفة العربية والصرف واللغة.

وهو أعظم من أن تَصِفه (٥) كَلِمي، أو يُنبِّه على شأوه قلمي، فإنَّ سيرته وعلومه ومعارفه ومِحَنَه وتنقّلاته يحتمل (٦) أن ترصَّع (٧) في مجلّدتين.

وهو بَشَرٌ من البشر له ذنوب، فالله تعالى يغفر له ويُسكنه أعلى جنته؛ فإنه كان ربَّاني الأمة، وفريد الزمان، وحامل لواء الشريعة، وصاحب معضلات المسلمين. وكان رأسًا في العلم (٨)، يبالغ في إطراء (٩) قيامه في


(١) (ف): «القرآن» خطأ.
(٢) (ب، ق): «رايته».
(٣) (ك): «فلسفهم».
(٤) (ب): «عورائهم».
(٥) (ف، ك): «يصقه».
(٦) (ف، ك): «تحتمل».
(٧) (ب، ق، ف): «توضع».
(٨) «وكان» ليست في (ب، ق، ف). و (ب): «الذكاء» بدلًا من «العلم». وزاد في (ق): «رأسًا في الذكاء».
(٩) كذا في الأصول الخطية، وكذا نقله الكرمي في «الكواكب» (ص ٦٣). ولكن في «الشهادة الزكية» (ص ٤٣) له أيضًا: «في أمر قيامه ... » فإن صحّ ما في النسخ، فلعلّ الذهبي قصد ما وقع للشيخ في مجالس المناظرة من الثناء على نفسه لما احتاج إلى ذلك، فإنه قال: «وتكلمت بكلام احتجت إليه مثل أن قلت: من قام بالإسلام في أوقات الحاجة غيري؟ ومن الذي أوضح دلائله وبينه؟ وجاهد أعداءه وأقامه لما مال؟ حين تخلى عنه كل أحد، فلا أحد ينطق ولا أحد يجاهد عنه، وقمت مظهرًا لحجته، مجاهدًا عنه، مرغّبًا فيه. فإذا كان هؤلاء يطمعون في الكلام فيّ فكيف يصنعون بغيري»؟ ! انظر ما سيأتي في كتابنا هذا (ص ٢٦٨)، و «مجموع الفتاوى»: (٣/ ١٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>