للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسماعاته (١) من الحديث كثيرة، وشيوخه أكثر من مائتي شيخ، ومعرفته بالتفسير إليها المنتهى، وحفظه للحديث ورجاله وصِحّته وسقمه فما يُلْحَق فيه. وأما نقله للفقه ومذاهب الصحابة والتابعين ــ فضلًا عن مذاهب (٢) الأربعة ــ فليس له فيه نظير (٣). وأما معرفته بالملل والنِّحَل، والأصول والكلام، فلا أعلم له فيه نظيرًا، ويدري جملةً صالحة من اللغة، وعربيته (٤) قويّة جدًّا، ومعرفته بالتاريخ والسِّيَر فعجبٌ عجيب!!

وأما شجاعته وجهاده وإقدامه، فأمرٌ يتجاوز الوصف ويفوق النعت. وهو أحد الأجواد الأسخياء الذين يُضْرَب بهم المثل، وفيه زهد وقناعة باليسير في المأكل والمَلْبس.

وقال الذهبيُّ في موضع آخر ــ وقد ذكر الشيخ رحمه الله ــ: كان آيةً في (٥) الذكاء وسُرْعة الإدراك، رأسًا في معرفة الكتاب والسنة والاختلاف، بحرًا في النقليات. هو في زمانه فريد عصره علمًا وزهدًا، وشجاعةً وسخاءً، وأمرًا بالمعروف ونهيًا عن المنكر، وكثرةَ تصانيف.

قرأ وحصَّل، وبرع في الحديث والفقه، وتأهَّل للتدريس والفتوى وهو ابن سبع [ق ١١] عشرة سنة. وتقدَّم في علم التفسير والأصول وجميع علوم


(١) (ب، ق): «وسماعًا».
(٢) (ك): «المذاهب».
(٣) (ب، ك): «فليس فيه»، (ف): «فليس له نظير».
(٤) (ك): «عربية». وسيأتي قول الذهبي: «وله يد طولى في معرفة العربية والصرف واللغة».
(٥) الأصل: «من».

<<  <  ج: ص:  >  >>