للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد دَبَّت إليه عقاربُ مكره، فردَّ الله كيد كلٍّ في نحره، فنجَّاه (١) على يد من اصطفاه، والله غالب على أمره.

ثم لم يَخْلُ بعد ذلك من فتنة بعد فتنة، ولم ينتقل طول عمره من محنة إلّا إلى محنة، إلى أن فُوِّض أمرُه لبعض القضاة فتقلّد ما تقلَّد من اعتقاله، ولم يزل بمحبسه (٢) ذلك إلى حين ذهابه إلى رحمة الله تعالى وانتقاله، وإلى الله تُرْجَع الأمور، وهو المطَّلع على خائنة الأعين وما تُخْفي الصدور.

وكان يومه مشهودًا؛ ضاقت بجنازته الطريق، وانتابها (٣) المسلمون [ق ٦] من كلِّ فجٍّ عميق، يتبرّكون بمشهده يوم يقوم الأشهاد، ويتمسَّكون بشَرْجَعِه (٤) حتى كسروا تلك الأعواد، وذلك في ليلة العشرين من ذي القَعْدة سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، بقلعة دمشق المحروسة.

وكان مولده بحرّان في عاشر شهر (٥) ربيع الأول من سنة إحدى وستين وستمائة رحمه الله تعالى (٦).

ثم قال: قرأت على الشيخ الإمام، حامل راية العلوم، ومُدْرِك غاية الفهوم، تقيّ الدين أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن


(١) (ب، ف، ك): «ونجاه».
(٢) (ف): «بمجلسه».
(٣) (ف): «وانتحابه».
(٤) الشرجع: السرير الذي يُحمل عليه الميت. «لسان العرب» (٨/ ١٧٩).
(٥) «شهر» ليست في (ب، ف، ك).
(٦) (ف، ك، ب): «رحمه الله وإيانا».

<<  <  ج: ص:  >  >>