للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشيخ (١) رحمه الله: كتبتُ أوّل هذا الكتاب بعد رحيل قازان وجنوده، لما رجعت من مصر في جمادى الآخرة، وأشاعوا أنه لم يبق منهم أحد، ثمّ لما بقيت تلك الطائفة اشتغلنا بالاهتمام بجهادهم، وقصد الذهاب إلى إخواننا بحماة، وتحريض الأمراء على ذلك، حتّى جاءنا الخبرُ بانصراف المتبقين منهم، فكملته في رجب (٢).

***

قلتُ: وفي أول شهر رمضان من سنة اثنتين وسبعمائة كانت وقعة شَقْحَب (٣) المشهورة، وحصل للناس شدَّة عظيمةٌ، وظهر فيها من كرامات الشيخ، وإجابة دعائه، وعظيم جهاده، وقوّة إيمانه، وفَرْطِ (٤) نصحه للإسلام، وفرط شجاعته، ونهاية كرمه، وغير ذلك من صفاته= ما يفوق النعت، ويتجاوز الوصف.

ولقد قرأتُ بخطِّ بعض أصحابه ــ وقد ذكر هذه الوَقْعة (٥)، وكثرة من حَضَرها من جيوش المسلمين ــ قال: واتفقت كلمة إجماعهم على تعظيم الشيخ تقيّ الدين ومحبته، وسماع كلامه ونصيحته، واتّعظوا بمواعظه، وسأله بعضُهم مسائل في أمر الدِّين، ولم يبق من ملوك الشام تركيٌّ ولا عربيٌّ إلا


(١) (ف، ك): «قال المؤلف» أي ابن تيمية.
(٢) بعده في (ف، ك): «والله أعلم، والحمد لله وحده، وصلى الله على أشرف خلقه (ك: الخلق محمد) وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين».
(٣) شقحب: قرية جنوب غربي دمشق، على بعد ٤٠ كيلًا تقريبًا.
(٤) (ف، ك): «وشدة».
(٥) (ك): «الواقعة». وكلام هذا الصاحب من هنا إلى (ص ٢٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>