للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعتقاد نقيض الحقّ وقول خلاف الصِّدْق، وكلاهما ممتنع.

أما الأول؛ فلأنَّ من في قلبه أدنى حياة، وطلبٍ للعلم، ونَهْمة في العبادة؛ يكون البحثُ عن هذا الباب والسؤالُ عنه ومعرفةُ (١) الحقّ فيه أكبر (٢) مقاصده وأعظم مطالبه (٣). وليست النفوس الصحيحة إلى شيء أشوق منها إلى معرفة هذا الأمر، وهذا أمر معلوم بالفطرة الوجدية (٤).

فكيف يتصوَّر مع قيام هذا المقتضي ــ الذي هو من أقوى المقتضيات ــ أن يتخلَّف عنه مقتضاه في أولئك (٥) السادة في مجموع عصورهم (٦)؟ ! هذا لا يكاد يقع في أبْلَد الخلق، وأشدّهم إعراضًا عن الله، وأعظمهم إكبابًا على طلب الدنيا والغفلة عن ذكر الله، فكيف يقع في أولئك؟

وأما كونهم كانوا معتقدين فيه غير الحق أو قائليه، فهذا لا يعتقده مسلم ولا عاقل عَرَف حالَ القوم.

ثم الكلام عنهم في هذا الباب أكثر من أن يمكن أن يُسَطَّر في هذه الفتيا أو أضعافها، يَعرف ذلك من طلبَه وتتبَّعه.

ولا يجوز أيضًا أن يكون الخالفون أعلم من السالفين، كما قد يقوله


(١) (ف): «عن معرفة».
(٢) (ف، خ): «أكثر».
(٣) في (خ، والفتاوى) زيادة: «أعني بيان ما ينبغي اعتقاده لا معرفة كيفية الرب وصفاته».
(٤) في هامش (ك): «الوجدانية». و (خ): «الوجودية».
(٥) (ك): «مقتضاه لأولئك».
(٦) الأصل: «عمورهم» خطأ. و (ف، ك): «عصرهم».

<<  <  ج: ص:  >  >>