للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما اعتقدوا انتفاء الصفات في نفس الأمر، وكان ــ مع ذلك ــ لابدّ للنصوص من معنى، بقوا متردّدين بين الإيمان باللفظ، وتفويض المعنى، وهي التي يسمونها: طريقة السلف، وبين صرف اللفظ إلى معانٍ (١) بنوع تكلُّف، وهي التي يسمونها: طريقة الخلف؛ وصار هذا الباطل مركبًا من فساد العقل والكفر بالسمع، فإن النفي إنما اعتمدوا (٢) فيه على أمور عقلية ظنوها بيَّنات وهي شبهات، والسمع حرَّفوا فيه الكَلِمَ (٣) عن مواضعه.

فلما انْبَنى (٤) أمرُهم على هاتين المقدِّمتين الكاذبتين الكُفْريتين، كانت النتيجة استجهال السابقين الأوّلين (٥) واستبلاههم، واعتقاد أنهم كانوا قومًا (٦) أميين، بمنزلة الصالحين من العامة، لم يتبحَّروا في حقائق العلم بالله، ولم يتفطَّنوا لدقيق (٧) العلم الإلهي، وأن الخَلَفَ الفضلاء حازوا قَصَب السَّبْق في هذا كله.

وهذا (٨) القول إذا تدبَّره الإنسان وجده في غاية الجهالة، بل في غاية الضلالة. كيف يكون هؤلاء المتأخِّرون ــ لاسيما والإشارة بالخَلَف إلى


(١) (أ، ب، ق): «معاني» وزاد في المطبوعة «أخرى».
(٢) الأصل: «اعتقدوا».
(٣) (خ): «حرفوا الكلام فيه».
(٤) (ب، ق): «انتهى». (ك): «ابتنى».
(٥) «الأولين» ليست في (ف، خ).
(٦) ليست في (ك).
(٧) (خ، ط): «لدقائق».
(٨) (خ): «فإن هذا»، (ط): «ثم هذا».

<<  <  ج: ص:  >  >>