للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن قال: لا أعقل علمًا ويدًا إلا من جنس العلم واليد المعهودَين (١).

قيل له: فكيف تعقل ذاتًا من غير جنس ذوات المخلوقين؟ ! ومن المعلوم أن صفات كلِّ موصوفٍ تناسب ذاتَه وتلائمُ حقيقتَه، فمن لم يفهم من صفات الربّ الذي ليس كمثله شيء إلا ما يناسب المخلوق، فقد ضلَّ في عقله ودينه.

وما أحسن ما قال بعضُهم: إذا قال لك الجهميُّ: كيف استوى؟ أو كيف ينزل إلى سماء الدنيا؟ وكيف يداه؟ ونحو ذلك.

فقل له: كيف هو في نفسه؟

فإذا قال: لا يعلم ما هو [ق ٣٦] إلا هو، وكُنْه الباري غير معلوم للبشر.

فقل له: فالعلم بكيفية الصفة مستلزم (٢) للعلم بكيفية الموصوف، فكيف يمكن أن يُعْلَم (٣) كيفية صفةٍ لموصوفٍ (٤) لم تُعْلم كيفيته؟ وإنما تُعلم الذات والصفات من حيث الجملة، على الوجه الذي ينبغي لك.

بل هذه المخلوقات في الجنة قد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: «ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء» (٥). وقد أخبر الله تعالى أنه:


(١) الأصل: «المعهودتين».
(٢) الأصل: «يستلزم». و (خ): «الصفة مسبوق بكيفية».
(٣) (ك): «تعلم».
(٤) «فكيف ... لموصوف» سقطت من (ب). و (ك): «أن تعلم».
(٥) أخرجه ابن جرير: (١/ ٤١٦) وغيره كما في «الدر المنثور»: (١/ ٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>