للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الجملة فكون الحبّ والبغض صفةً ثبوتيةً وجودية معلوم بالضرورة، فلا يُقبل فيه نزاع ولا يُناظَر صاحبه إلا مناظرة السّوفسطائية.

قلت: وإذا كان الحبُّ والبغض ونحوهما من الصفات المضافة المتعلقة بالغير صفاتٍ وجودية، وظهر الفرقُ بين الصفات التي هي إضافة ونسبة، وبين الصفات التي هي مضافة منسوبة، فالحمد والشكر من القسم الثاني. فإن الحمد أمر وجوديّ متعلِّق بالمحمود عليه، وكذلك الشكر أمر وجودي متعلق بالمشكور عليه، فلا يتم فهم حقيقتهما إلا بفهم الصفة الثبوتية لهما التي هي متعلقة بالغير، وتلك الصفة داخلة في حقيقتهما. فإذا كان متعلَّق أحدهما أكبر (١) من متعلَّق الآخر، وذلك التعلق إنما هو (٢) عارض لصفة ثبوتية لهما = وجبَ ذكر تلك الصفة الثبوتية في ذكر حقيقتهما.

والدليل على هذا: أن من لم يفهم الإحسان امتنع أن يفهم الشكر، فعُلِم أن تصوّر متعلَّق الشكر داخل في تصوّر الشكر.

قلت: ولو قيل: إنه ليس هذا إلا أمرًا عدميًّا فالحقيقة إن كانت مركَّبة من وجودٍ وعدم، وجب ذكرهما في تعريف الحقيقة، كما أنَّ من عرَّف الأبَ من حيث هو أب، فإنّ تصوّره موقوف على تصوّر الأبوَّة التي هي نسبة وإضافة، وإن كان الأبُ أمرًا وجوديًّا.

فالحمد والشكر متعلِّقان بالمحمود عليه والمشكور عليه، وإن لم يكن


(١) (ق): «أكثر».
(٢) سقطت من (ف، ك).

<<  <  ج: ص:  >  >>