للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهما. وإن كانوا في غيره راسلوهم و (١) كاتبوهم بأن يخرجوا إليهم من بلد الغُزاة؛ ليكونوا معهم بالحصون أو بالبُعد، كما جرى في هذه الغزاة.

فإنَّ أقوامًا في العسكر والمدينة وغيرهما (٢) صاروا يُعوِّقون من أراد الغزو، وأقوامًا بعثوا من المعاقل والحصون أو غيرها إلى إخوانهم: هلُمَّ إلينا.

قال الله تعالى فيهم: {وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا (١٨) أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ}.

أي: بخلًا (٣) عليكم بالقتال معكم، والنفقة في سبيل الله. وقالوا: بخلًا عليكم بالخير والظَّفَر والغنيمة (٤).

وهذه حال من بخل على المؤمنين بنفسه وماله، أو شحَّ عليهم بفضل الله؛ من نَصْره ورزقه الذي يُجريه بفعل غيره. فإنَّ أقوامًا يَشُحُّون بمعروفهم، وأقوامًا يشُحُّون بمعروف الله وفضله، وهم الحُسَّاد.

{فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ} [الأحزاب: ١٩] من شدة الرُّعب الذي في قلوبهم يُشْبِهون المُغْمى عليه وقت النّزْع، فإنَّه يخاف ويذهل عقله، ويَشْخَص بصره ولا يَطْرِف، فكذلك هؤلاء؛ لأنّهم يخافون القتل.

{فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ}.


(١) (ف، ك): «أو».
(٢) بقية النسخ: «وغيرها».
(٣) (ق): «قالوا: بخلًا»، (ف، ك): «بخلاء» وكذا ما بعدها في (ك).
(٤) انظر تفسير الطبري: (١٩/ ٥١ - ٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>