للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتارةً يقولون: أنتم مجانين لا عقل لكم! تريدون أن تُهلِكُوا أنفسكم والناسَ معكم.

وتارةً يقولون أنواعًا من الكلام المؤذي الشديد، وهم مع ذلك أشحَّةٌ على الخير، أي: حِراص على الغنيمة والمال الذي قد حصل لكم.

قال قتادة: إذا (١) كان وقت قِسْمة الغنيمة، بسطوا ألسنتهم فيكم، يقولون: أعطونا، فلستم بأحقَّ بها منَّا. فأمَّا عند البأس (٢) فأجْبَنُ قومٍ وأخذلهم للحقّ. وأما عند الغنيمة فأشحُّ قومٍ.

وقيل: {أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ} أي: بُخلاء به، لا ينفعون، لا بنفوسهم ولا بأموالهم.

وأصلُ الشُّحِّ: شدّة الحرص الذي يتولَّد عنه البخل والظلم؛ من مَنْع الحقِّ، وأخذ الباطل، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : «إيّاكم والشحَّ، فإنَّه (٣) أهلك من كان قبلكم، أمرهم بالبُخل فبَخِلوا، وأمرهم بالظُّلم فظلموا، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا» (٤).

فهؤلاء أشحَّاءُ على إخوانهم، أي: بُخلاءُ عليهم، وأشحَّاءُ على الخير،


(١) (ف، ك): «إن».
(٢) الأصل: «الناس» تصحيف، والمثبت من النسخ.
(٣) (ف، ك): «فإن الشح».
(٤) أخرجه أحمد (٦٤٨٧)، وأبو داود (١٦٩٨)، والنسائي في «الكبرى» (١١٥١٩)، والدارمي (٢٥١٦)، وغيرهم من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، وروي أيضًا من حديث جابر وأبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>