للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلمّا كان سنة (١) خمس وسبعمائة جاء الأمر من مصر بأن يُسأل عن مُعْتقده، فجُمِعَ له القُضاةُ والعلماءُ بمجلس نائب دمشق الأفرم.

فقال: أنا كنتُ سُئِلْتُ عن مُعتقد السنَّة (٢)، فأجبتُ عنه في جزءٍ من سنين، وطَلَبه من داره، فأُحضِرَ، وقرأه.

فنازعوه في موضعين أو ثلاثة منه، وطال المجلس، فقاموا واجتمعوا مرَّتين أيضًا لتتمة الجزء، وحاققوه، ثم وقع الاتفاقُ على أنَّ هذا مُعْتَقدٌ سلفيٌّ جَيِّد. وبعضُهم قال ذلك كُرْهًا.

وكان المصريُّون قد سَعَوا في أمر الشيخ، ومالأوا الأمير رُكن الدين الشاشنكير (٣) ــ الذي تَسَلْطن ــ عليه، فطُلِب إلى مصر على البريد.

فثاني يوم دخوله اجتمعَ القُضاة والفقهاء بقلعة مصر، وانتصبَ ابنُ عَدْلان (٤) له خصمًا، وادَّعى عليه عند القاضي ابن مخلوفٍ (٥) المالكي: أنَّ


(١) (ق، ف، والدرة): «في سنة».
(٢) (ق، ف، ك، والدرة): «كنت قد .. ». و (ف، ك): «معتقد أهل السنة».
(٣) هو: بيبرس بن عبد الله المنصوري، ركن الدين. كان من أمراء المماليك، تسلطن بعد خلع الملك الناصر محمد بن قلاوون سنة ٧٠٨، ولم يطل أمره في الملك فلم يكمل السنة، وأمسكه الملك الناصر وأُحْضِر بين يديه وخَنَقه بوترٍ كان بيده سنة (٧٠٩). انظر «أعيان العصر»: (٢/ ٧١ - ٧٥)، و «مورد اللطافة فيمن ولي السلطنة والخلافة»: (٢/ ٥٩ - ٦٣).
(٤) هو: محمد بن أحمد بن عثمان، الكناني المصري الشافعي، من الفقهاء، كان مقربًا من الجاشنكير، له شرح على مختصر المزني ــ مخطوط. توفي سنة (٧٤٩) عن نحو تسعين عامًا. انظر «أعيان العصر»: (٤/ ٢٩٧ - ٢٩٩). و «الدرر الكامنة»: (٣/ ٣٣٣ - ٣٣٤).
(٥) (ك): «ابن مخلوف القاضي». وهو: علي بن مخلوف بن ناهض النُّويري المالكي، ولي القضاء، وعيب عليه قلة العلم، والتسرّع في الأحكام (ت ٧١٨). انظر «رفع الإصر»: (٢/ ٤٠٥ - ٤٠٦)، و «أعيان العصر»: (٣/ ٥٤٣ - ٥٤٥). وقد قال عنه شيخ الإسلام: إنه قليل العلم والدين. «مجموع الفتاوى»: (٣/ ٢٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>