للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منَّا ولا نقص (١)، بل هو بعد ما عُومِلَ به من التغليظ والتخشين أرفعُ قدرًا، وأنْبَه ذكرًا، وأحبّ وأعظم.

وإنما هذه الأمور هي من مصالح المؤمنين، التي يُصْلِحُ الله بها بعضَهم ببعض؛ فإن المؤمن للمؤمن كاليدين يغسل أحدُهما (٢) الأخرى، وقد لا ينقلع الوسخُ إلا بنوعٍ من الخشونة، لكن ذلك يوجب من النظافة والنعومة ما يُحْمَد (٣) معه ذلك التخشين.

وتعلمون أنَّا جميعًا متعاونون على البرِّ والتقوى، واجبٌ علينا نصر بعضنا بعضًا أعظمَ مما كان وأشدّ، فمن رام أن يؤذي بعضَ الأصحاب أو الإخوان لِمَا قد يظنه من نوع تخشينٍ عُومل به بدمشق أو بمصر [ق ٩٤] الساعة أو غير ذلك= فهو الغالط.

وكذلك من ظنَّ أن المؤمنين يتخلَّون (٤) عمَّا أُمِروا به من التعاون والتناصر، فقد ظنَّ ظنَّ سوء، وإن الظنَّ لا يغني من الحقّ شيئًا، وما غاب عنَّا أحدٌ من الجماعة، أو قَدِم إلينا الساعة أو قبل الساعة، إلا ومنزلته عندنا اليوم أعظم مما كانت وأجلُّ وأرفع.

وتعلمون رضي الله عنكم: أن ما دون هذه القضية من الحوادث يقع فيها من اجتهاد الآراء، واختلاف الأهواء، وتنوّع أحوال أهل الإيمان، وما لا بدّ منه


(١) (ب): «تغير ما»، (ك): «ولا بغض». (ف): «ولا بعض».
(٢) (ف، ك): «تغسل إحداهما».
(٣) (ف): «موجب ... تحمد». (ك): «نحمد».
(٤) (ك): «يبخلون».

<<  <  ج: ص:  >  >>