للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله نافذٌ فيهم. فلو كان الرجل مشكورًا على سوء عمله لكُنْت (١) أشكر كلَّ من كان سببًا في هذه القضية؛ لما ترتَّب عليه من خير الدنيا والآخرة، لكنَّ الله هو المشكور على حُسْن نعمه وآلائه وأياديه التي لا يُقْضى للمؤمن قضاء إلا كان خيرًا له.

وأهل القصد الصالح يُشْكَرون (٢) على قصدهم، وأهل العمل الصالح يُشْكرون على عملهم، وأهل السيئات نسأل الله أن يتوب عليهم. وأنتم تعلمون هذا من خُلقي، والأمر أزْيَد مما كان وأوكد، لكن حقوق الناس بعضهم مع بعض، وحقوق الله عليهم= هم فيها تحت حكم الله.

وأنتم تعلمون أن الصدِّيق الأكبر في قضية الإفك ــ التي أنزل الله فيها القرآن ــ حلف لا يَصِلُ إلى (٣) مِسْطَح بن أُثاثة؛ لأنه كان من الخائضين في الإفك، فأنزل الله: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: ٢٢] فلما نزلت قال أبو بكر: بلى أحبُّ (٤) أن يغفر الله لي، فأعاد إلى مِسْطَح النفقة التي كان ينفق.

ومع ما ذكر من العفو والإحسان وأمثاله وأضعافه، فالجهادُ (٥) على ما


(١) (ك): «لكتب»، وبهامشها: لعله: لكنت.
(٢) (ف، ك): «لا يشكرون»، وبهامش (ك) إشارة إلى أن الصواب حذف «لا».
(٣) «إلى» ليست في (ب، ك).
(٤) (ط): «بلى والله إني لأحب». وحديث الإفك أخرجه البخاري (٢٦٦١) ومسلم (٢٧٧٠).
(٥) (ف، ك): «والجهاد» خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>