للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال لهم: ما الأمرُ كما تزعمون، فإنهم قد يكونون مجتهدين مخطئين، فَفَعَلوا ذلك باجتهادٍ (١)، والمجتهدُ المخطئ له أجرٌ.

فلما قال لهم ذلك. قالوا: فقُمْ واركب معنا، حتى تجيء (٢) إلى القاهرة.

فقال: لا. وسأل عن وقت العصر؟ فقيل له: إنه قريب، فقام قاصدًا إلى الجامع لصلاة العصر.

فقيل له: يا سيّدي قد تواصَوا عليك ليقتلوك. وفي الجامع قد يتمكَّنون منك، بخلاف غيرِه، فصَلِّ حيثُ كان.

فأبى إلا المضيَّ إلى الجامع والصلاة فيه، فخرج وتبعه خَلْق كثير لا يرجعون عنه، فضاقت الطريق بالناس، فقال له من كان قريبًا منه: ادخل إلى هذا المسجد ــ مسجدٍ في الطريق ــ واقعد فيه حتَّى يخفّ الناسُ، لئلَّا يموتَ أحدٌ من الزحام.

فدخل ولم يجلس فيه، ووقف وأنا معه. فلما خفَّ الناسُ خرج يطلب الجامع العتيق، فمرَّ في طريقه على قوم يلعبون بالشِّطْرنج على مَسْطَبة بعض حوانيت الحدَّادين، فنفض الرُّقعة وقلبها، فَبُهِت (٣) الذي يلعب بها والناسُ من فعله ذلك.

ثم مشى قاصدًا للجامع، والناسُ يقولون: هنا يقتلونه، الساعة يقتلونه.


(١) (ب، ك): «باجتهادهم».
(٢) (ف، ك): «نجيء».
(٣) ضبطها في الأصل «فبُهِتَ، فبَهَتَ» وكتب فوقها: معًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>