للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى وصفاته، وعظمةِ ذاته، واتصال قلبه بأشعة أنوارها، والاحتظاء (١) من خصائصها وأعلى أذواقها، ونفوذه من الظاهر إلى الباطن، ومن الشهادة إلى الغيب، ومن الغيب إلى الشهادة، ومن عالم الخلق إلى عالم الأمر، وغير ذلك ممَّا لا يمكن شرحُه في كتاب.

فشيخكم ــ أيدكم الله ــ عارفٌ (٢) بأحكام الله الشرعية، عارفٌ بأحكامه القدرية، عارفٌ بأحكام أسمائه [ق ١١١] وصفاته الذاتية. ومثلُ هذا العارف قد يبصر ببصيرته تنزُّلَ الأمر بين طبقات السماء والأرض، كما قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ ... } (٣) [الطلاق: ١٢].

فالناسُ يحِسُّون بما يجري في عالم الشهادة، وهؤلاء بصائرهم شاخصةٌ إلى الغيب، ينتظرون ما تجري به الأقدار، يشعرون بها أحيانًا عند تنزُّلها.

فلا تُهوِّنوا أمرَ مثل هؤلاء في انبساطهم مع الخلق، واشتغال أوقاتهم بهم، فإنهم كما حُكي عن الجُنيد ــ رحمه الله ــ أنه قيل له: «كم تنادي على الله تعالى بين الخلق؟ فقال: أنا أنادي على الخلق بين يدي الله».

فاللهَ اللهَ في حفظ الأدب معه، والانفعال لأوامره، وحفظ حُرُماته في الغيب والشهادة، وحُبِّ من أحبَّه، ومجانبة من أبغضه أو عابَه وانتقصه (٤)، وردِّ غيبتِه، والانتصار له في الحقِّ.


(١) (ف): «والاختصاص».
(٢) (ف، ك): «عارف بذلك عارف ... ».
(٣) الآية في (ف، ك) إلى قوله: «شيء قدير».
(٤) (ف): «من بغضه وانتقصه»، (ك): «أبغضه وتنقّصه». وسقط عنهما «أو عابه».

<<  <  ج: ص:  >  >>