للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبرهانُ ذلك: أنَّ المحقّ طالب (١) الهدى والحقّ يعرض (٢) عند من أنكر عليه ذلك الفعل الذي أنكره، إمّا بصيغة السؤال أو الاستفهام بالتلطُّف عن ذلك النقص الذي رآه فيه، أو بلغه عنه. فإن وجد هناك اجتهادًا أو رأيًا أو حُجَّةً، قنع بذلك وأمسك، ولم يُفشِ ذلك إلى غيره، إلا مع إقامة ما بيَّنه من الاجتهاد أو الرأي أو الحجَّة، ليَسُدَّ الخلل بذلك.

فمثل هذا يكون طالبَ هدًى، مُحبًّا ناصحًا (٣)، يطلبُ الحقَّ، ويرومُ تقويم أستاذه عن انحرافه، بتعريفه وتعريضه (٤)، كما يرومُ أستاذُه تقويمَه. كما قال بعضُ الخلفاء الراشدين ــ ولا يحضرني اسمه ــ: إذا اعوججْتُ فقوِّموني (٥).

فهذا حقٌّ واجب بين الأستاذ والطالب، فإنَّ الأستاذ يطلبُ إقامة الحجّة (٦) على نفسه ليقوّم به، ويتَّهم نفسَه أحيانًا، ويتعرَّف أحوالَه من غيره، مما عنده من النَّصَفَة وطلب الحقّ، والحذر من الباطل، كما يطلب المريد ذلك من شيخه من التقويم، وإصلاح الفاسد من الأعمال والأقوال.


(١) الأصل: «يطلب».
(٢) (ف، ك، ط): «بغرض».
(٣) الأصل بالرفع.
(٤) (ف): «تغريضه»، (ك): «وتفويضه».
(٥) هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه في خطبته المشهورة حين توليه الخلافة. أخرجه البزار في «مسنده» (١٠٠)، والطبراني في «الأوسط» (٨٥٩٧)، وغيرهم من طرق عنه.
(٦) (ف، ك، ط): «الحقّ».

<<  <  ج: ص:  >  >>