للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما إذا نَذَر الرّجُل أن يسافر إليها لغرضٍ مباح، فهذا جائز، وليس من هذا الباب.

والوجه الثاني: أنَّ هذا (١) الحديث يقتضي النهي، والنهيُ يقضي التحريم. وما ذكره (٢) من الأحاديث في زيارة قبر النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فكلُّها ضعيفة باتفاق أهل العلم بالحديث، بل هي موضوعة، لم يرو أحدٌ من أهل السنن المعتمدة شيئًا منها، ولم يحتجَّ أحدٌ من الأئمة بشيءٍ منها، بل مالكٌ ــ إمام أهل المدينة النبوية وأصحابه (٣) الذين هم أعلم الناس بحكم هذه المسألة ــ كَرِه أن يقول الرجل: زُرْتُ قبرَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - . ولو كان هذا اللفظ معروفًا (٤) عندهم، أو مشروعًا، أو مأثورًا عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لم يكرهه عالمُ أهل المدينة.

والإمام أحمد ــ أعلم الناس في زمانه بالسنة ــ لما سُئِلَ عن ذلك، لم يكن عنده ما يعتمد عليه في ذلك من الأحاديث إلا حديث أبي هريرة أنَّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما مِنْ رجلٍ يُسَلِّم عليَّ إلاّ ردَّ الله عليَّ روحي حتى أردَّ عليه السلام» (٥).

وعلى هذا اعتمد أبوداود في «سننه» (٦).


(١) «هذا» ليست في (ب، ف، م).
(٢) (ف، ك، ط): «ذكروه». (م): «ذكر».
(٣) من الأصل فقط.
(٤) الأصل: «مشروعًا» سهو.
(٥) أخرجه أحمد (١٠٨١٥) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٦) رقم (١٧٤٥). قال النووي: بإسناد صحيح. «رياض الصالحين» (ص ١٢٤). وقال العراقي: سنده جيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>