للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحراء؛ لئلا يصلِّي أحدٌ عند قبره ويُتَّخذ مسجدًا، فيُتَّخَذَ (١) قبرُه وثنًا.

وكان الصحابة والتابعون ــ لمّا كانت الحُجْرة النبويّة منفصلةً عن المسجد إلى زمن الوليد بن عبد الملك ــ لا يدخُل أحدٌ إليه، لا لصلاةٍ هناك، ولا تَمَسُّحٍ (٢) بالقبر، ولا دعاء هناك، بل هذا جميعه إنما كانوا يفعلونه في المسجد.

وكان السلفُ من الصحابة والتابعين إذا سلَّموا عليه (٣)، وأرادوا الدعاء دَعَوا مستقبلي القبلة، ولم يستقبلوا القبر.

وأما الوقوف للسلام (٤) عليه؛ فقال أبو حنيفة: يستقبل القبلة أيضًا، ولا يستقبل القبر.

وقال أكثر الأئمة: بل يستقبلُ القبر عند السلام خاصَّةً. ولم يقل أحدٌ من الأئمة: إنَّه (٥) يستقبل القبر عند الدعاء، وليس في ذلك إلا حكاية مكذوبة تُروى عن مالك، ومذهبه بخلافها. واتفق الأئمة على أنه لا يَمسّ قبرَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ولا يُقَبِّلُه.

وهذا كلُّه محافظةً على التوحيد، فإنَّ من أصول الشرك بالله تعالى اتخاذ القبور مساجد، كما قال طائفة من السلف في قوله تعالى: {وَقَالُوا لَا


(١) (ك): «ويتخذه ... »، (ف): «ويتخذه فيتخذ»، (م): «ويتخذوه». وسقطت «فيتخذ» من (ب).
(٢) (الأصل، ب): «يمسح». والمثبت هو الموافق للسياق.
(٣) (ف، ك): «على النبي - صلى الله عليه وسلم - ».
(٤) (م): «وأما وقوف المسلِّم».
(٥) «بل يستقبل .. إنه» سقطت من (ف، ك، ط).

<<  <  ج: ص:  >  >>