للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن سنة الله: أنَّه إذا أراد إظهار دينه، أقام من يُعارضه (١)، فيُحِقُّ الحقَّ بكلماته، ويقذِفُ بالحقِّ على الباطل فيدمَغُه فإذا هو زاهق.

والذي سعى فيه حزبُ الشيطان لم يكن مخالفةً لشرع محمد - صلى الله عليه وسلم - وحدَه، بل مخالفة لدين جميع المرسلين، إبراهيم وموسى والمسيح، ومحمد خاتم النبيين صلى الله عليهم أجمعين.

وكانوا قد سعوا في أن لا يظهر من جهة حزب الله ورسوله خطابٌ ولا كتاب، وجزعوا من إظهار (٢) «الإخنائية»، فاستعملهم الله تعالى حتى أظهروا أضعافَ ذلك وأعظم، وألزمهم بتفتيشه [ق ١٣١] ومطالعته، ومقصودُهم إظهار عيوبه وما يحتجون به، فلم يجدوا فيه إلا ما هو حُجَّةٌ عليهم، وظهر لهم جهلُهم وكذبُهم وعجزُهم، وشاع (٣) هذا في الأرض، وهذا مما لا يقدر عليه إلا الله، ولم يمكنهم أن يُظهروا علينا فيه عيبًا في الشرع والدين، غايةُ (٤) ما عندهم: أنه خُوْلِف مرسومُ بعضِ المخلوقين، والمخلوقُ ــ كائنًا من كان ــ إذا خالفَ أمرَ الله ورسوله، لم يُجَب، بل (٥) ولا يجوز طاعته في مخالفة أمر الله ورسوله باتفاق المسلمين.

وقول القائل: «إنه يُظْهِر البدع»، كلامٌ يَظهرُ فسادُه لكلِّ مستبصر، ويعلم أنَّ الأمر بالعكس، فإنَّ الذي يُظهر البدعة، إما أن يكون لعدم علمه


(١) (ب): «يفارقه».
(٢) (ف، ك، ط): «ظهور».
(٣) (ب): «وكذبهم شاع».
(٤) بقية النسخ: «بل غاية».
(٥) ليست في (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>