للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلو أنصفته الباكياتُ لفقده ... بكته دمًا من فيض أجفانها الدَّمّا (١)

فتًى صيَّر المعراج للخلد في الدّجى ... بأوراده، لما تسلَّم سلما

فكم جادلَتْ أقوالُه من معاند ... تقاصر عنه، حين أقدم أحجما

وكم ردعت أراؤه من مخالفٍ ... عن الدين بحثًا، حين سلّم أسْلَما

لبست تقيَّ الدين ثوبَ نقاوة ... من الفضل عن مولى سواك تحرما

تخيرت ما يبقى على كلِّ هالك ... فأرْبَحت من تلك التجارة مَغْنما

لقيت الذي قدَّمته من صنائع ... من الخير أو ما جُدْتَ منك تكرُّما

وفي الحشر تلقى كلُّ نفس نفائسًا ... ويُجْزَى الذي في الناس أجرم أجرما

تأخَّرت عن نيل المناصب رفعةً ... ومثلك في أيامنا ما (٢) تقدَّما

بنيتَ على الإسلام ركنًا ومَعْصَمًا ... يقبّل منه المجد كفًّا ومِعْصَما

أقمتَ قناةَ الدين منك بعزمةٍ ... وأطفأتَ نار الشرك منك فأظلما

صبرت على حمل الأذى منك راضيًا ... وأعرضت عن فعل الأعادي تكرُّما

شهرت على أهل البدائع في الورى ... صوارم شِرْكُ الكفرِ منها تصرّما

وقفتَ على يوم الجلاد شجاعة ... بعزمٍ يردّ المشرفيّ مُثَلَّما

إذا بكت الأبطال خوف قبيلةٍ ... ضحكت بثغرٍ في الوغى قد تبسَّما

ولما تبدّى نورُ نعشك لامعًا ... تمنَّت بنات النعش أن تتحطَّما

وودّت بأن تدنو الثريّا إلى الثرى ... نثارًا عليه، رِفْعة وتعظّما


(١) (ف، د): «دما».
(٢) (ك): «قد» وفي هامشها إشارة بما هو مثبت في نسخة.

<<  <  ج: ص:  >  >>