للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا كلُّه (١) وهو بعدُ ابن بضع عشرة سنة، فانبهر الفضلاءُ (٢) من فَرْط ذكائه، وسيلان ذهنه، وقوَّة حافظته، وسرعة إدراكه!

ولقد بلغني (٣) أن بعض مشايخ العلماء بحلب قَدِم إلى دمشق وقال: سمعت في البلاد بصبيٍّ يقال له: أحمد (٤) ابن تيمية، وأنه سريع الحفظ، وقد جئت قاصدًا لعلِّي أراه. فقال له خياطٌ: هذه طريق كُتَّابِه، وهو إلى الآن ما جاء، فاقعد عندنا الساعة يجيء يعْبُر علينا ذاهبًا إلى الكُتّاب؛ فجلس الشيخُ الحلبيُّ قليلًا، فمرَّ صبيانٌ، فقال الخياط للحلبي: هذاك (٥) الصبي الذي معه اللوح الكبير هو أحمد ابن تيميَّة، فناداه الشيخ، فجاء إليه، فتناول الشيخُ اللوحَ فنظر فيه، ثم قال: يا ولدي امسح هذا حتى أملي عليك شيئًا تكتبه، فَفَعل، فأملى عليه من متون الأحاديث أحَدَ عشر أو ثلاثة عشر حديثًا، وقال له: اقرأ هذا، فلم يَزِد على أن نظر فيه (٦) مرة بعد كتابته إياه، ثم دفعه إليه وقال: أسْمِعه عليَّ، فقرأه عليه عرضًا كأحسن ما أنت سامع. فقال له: يا ولدي امسح هذا، ففعل فأملى (٧) عليه عدة أسانيد انتخبها، ثم قال: اقرأ هذا، فنظر فيه كما فعل أول مرة، فقام الشيخ وهو يقول: إن عاش هذا


(١) «هذا كله» ليس في (ب).
(٢) (ف): «فانبهر أهله»، (ك): «أهل دمشق».
(٣) (ك): «واتفق» بدل «ولقد بلغني».
(٤) ليست في (ف).
(٥) (ف): «هذا».
(٦) (ك): «على أن تأمله».
(٧) (ب): «ثم أملى».

<<  <  ج: ص:  >  >>