للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وأكون إذ ذاك في السوق أو (١) المسجد أو الدَّرْب أو المدرسة، لا (٢) يمنعني ذلك من الذِّكر والاستغفار إلى أن أنال مطلوبي (٣).

قال هذا الصاحب: ولقد كنت في تلك المدة وأول النشأة إذا اجتمعتُ في خَتْمة أو مجلس ذِكْر خاصٍّ مع أحد المشايخ المذكورين، وتذاكروا وتكلم ــ مع حداثة سنه ــ أجدُ لكلامه صَولةً على القلوب، وتأثيرًا في النفوس، وهيمنة (٤) مقبولةً ونفعًا يظهر أثره وتنفعل له النفوس التي سمعَتْه أيامًا كثيرةً بِعَقبه، حتى كأنَّ مقاله بلسان حالِه، وحالُه ظاهر له في مقاله. شهدْتُ منه ذلك (٥) غير مرَّة.

قلت: ثم لم يبرح شيخُنا رحمه الله في ازديادٍ من العلوم وملازمة للاشتغال (٦) والإشْغال، وبثّ (٧) العلم ونشره، والاجتهاد في سُبُل (٨)


(١) (ب): «أو في».
(٢) (ب): «ولا».
(٣) تَعَلُّق شيخ الإسلام بالذكر أمرٌ مشهور، نقَلَه طلابه الملازمون له، قال ابن القيم في «الوابل الصيب» (ص ٩٦): «وحضرت شيخ الإسلام ابن تيمية مرة صلى الفجر ثم جلس يذكر الله تعالى إلى قريب من انتصاف النهار، ثم التفت إليَّ وقال: هذه غدوتي، ولو لم أتغد الغداء سقطت قوتي. أو كلامًا قريبًا من هذا. وقال لي مرة: لا أترك الذكر إلا بنِيَّة إجمام نفسي وإراحتها لأستعدّ بتلك الرّاحة لذكرٍ آخر». وانظر ما ذكره تلميذه أبو حفص البزار في «الأعلام العلية» (ص ٣٨).
(٤) (ك): «وهيبة».
(٥) (ف، ك): «ذلك منه».
(٦) (ب، ف، ك): «الاشتغال».
(٧) (ف): «ببث».
(٨) (ب): «سبيل».

<<  <  ج: ص:  >  >>