وآخر من حديث أنس. رواه عبد الرزاق (٦٦٩٠)، وعنه أحمد (٣/ ١٩٧) عن معمر، عن ثابت، عنه به. وهذا سند صحيح على شرط الشيخين. قلت: والجلب والجنب يكون في الزكاة، وفي السباق، فالجلب في السباق، قال عنه ابن الأثير (١/ ٢٨١): "هو أن يتبع الرجل فرسه، فيزجره، ويجلب عليه، ويصيح؛ حثًا له على الجري، فنهي عن ذلك". وقال عن "الجنب" (١/ ٣٠٣): "أن يجنب فرسًا إلى فرسه الذي يسابق عليه، فإذا فتر المركوب تحول إلى المجنوب". وقد أسند أبو جعفر الطحاوي تفسير هذا الحديث عن إمامين كبيرين هما. مالك بن أنس، والليث ابن سعد، فقال في "مشكل الآثار" (٥/ ١٥٣ - ١٥٤). "ولا اختلاف بين أهل العلم أن المراد بذلك هو النهي عن هذين المعنيين المذكورين في هذه الآثار في السَّبق بما يجوز السبقُ بمثله. وقد رُويَ في ذلك عن مالك، وعن الليث بن سعد: ما قد حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال: أخبرنا عبد الله بن وَهْب، قال: سُئِلَ مالك بن أنس: هل سمعتَ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا جَلَبَ ولا جَنَبَ؟ "، وما تفسيرُ ذلك؟ قال: لم يبلُغْني ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتفسيرُ ذلك: أن يُجْلَبَ وراءَ الفرس حين يُدْبِر ويحرَّك وراءهُ الشيءُ يستحثُّ به، فيَسبِق، فذلك الجَلَبُ. والْجَنَب: أن يُجْنَبَ مع الفرس الذي يُسابق به فرسٌ آخر حتى إذا دنا من الغاية تحوَّل صاحبه على الفرس الْمجْنُوب. وما ذكره يونس، عن ابن وهب قال: قال الليث في تفسير: "لا جَلَبَ"، قال: أن يجلب وراء الفرس في السباق. و"الجنب": أن يكون إلى جنبه يهتفُ به للسباق. ولا نعلم في ذلك قولًا غير هذين القولين اللذَيْن ذكرناهما في هاتين الروايتين. فأمّا الجلبُ: فقد اتفق مالك والليثُ على المراد به ما هو؟ فقال فيه كلُّ واحدٍ منهما في هاتين الروايتين ما ذكرناه عنه فيهما. =