للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انظر إلى سعة علم الله تعالى كل شيء يكون، فهو عالم به، حتى الذي لم يحص وسيحصل، فهو تعالى عالم به.

قال: {وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ}: حبة صغيرة لا يدركها الطرف في ظلمات الأرض يعلمها عز وجل.

{ظُلُمَاتِ}: جمع ظلمة ولنفرض أن حبة صغيرة غائصة في قاع البحر، في ليلة مظلمة مطيرة، فالظلمات: أولاً: طين البحر. ثانياً: ماء البحر. ثالثاً: المطر. رابعاً: السحاب. خامساً: الليل، فهذه خمس ظلمات من ظلمات الأرض ومع ذلك هذه الحبة يعلمها الله سبحانه وتعالى ويبصرها عز وجل.

قال: {وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ}: هذا عام، فما من شيء إلا وهو إما رطب وإما يابس.

{إِلاّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}: {كِتَابٍ}، بمعنى مكتوب. {مُبِينٍ} أي: مظهر وبين، لأن (أبان) تستعمل متعدياً ولازماً فيقال: أبان الفجر، بمعنى ظهر الفجر ويقال: أبان الحق بمعنى أظهره والمراد بالكتاب هنا: اللوح المحفوظ.

كل هذه الأشياء معلومة عند الله سبحانه وتعالى ومكتوبة عنده في اللوح المحفوظ، لأن الله تعالى "لما خلق القلم، قال له: اكتب قال القلم: ماذا أكتب؟ قال: أكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة" (١)، فكتب في تلك اللحظة ما هو كائن إلى يوم


(١) رواه أحمد (٥/ ٣١٧)، وأبو داود (٤٧٠٠)، والترمذي (٢١٥٥)، والحاكم (٢/ ٤٩٨) وصححه، والبيهقي في "الأسماء والصفات" (٨٠٤)، والآجري في "الشريعة" (١٧٨)، وابن أبي عاصم في "السنة" (١٠٥)، والحديث صححه الألباني في "الصحيحة" (١٣٣)، وفي "السنة" لابن أبي عاصم (١/ ٤٨ و ٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>