والجواب: بلي نحب ذلك، فإذا كنا نحب أن يغفر الله لنا، فلتتعرض لأسباب المغفرة.
ثم قال:{وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}: {غَفُورٌ}: هذه إما أن تكون اسم فاعل للمبالغة، وإما أن تكون صفة مشبهة، فإذا كانت صفة مشبهة، فهي دالة على الوصف اللازم الثابت، هذا هو مقتضى الصفة المشبهة، وإن كانت اسم فاعل محولاً إلي صيغة التكثير، كانت دالة على وقوع المغفرة من الله بكثرة.
وبعد هذا نقول: إنها جامعة بين الأمرين، فهي صفة مشبهة، لأن المغفرة صفة دائمة لله عز وجل، وهي أيضاً فعل يقع بكثرة، فما أكثر مغفرة الله عز وجل وما أعظمها.
وقوله:{رَّحِيمٌ}: هذه أيضاً اسم فاعل محول إلي صيغة المبالغة، وأصل أسم الفاعل من رحم: راحم، لكن حول إلي رحيم لكثرة رحمة الله عز وجل وكثرة من يرحمهم الله عز وجل.
والله سبحانه وتعالي يقرن بين هذين الاسمين، لأنهما دالان على معني متشابه، ففي المغفرة زوال المكروب واثار الذنب، وفي الرحمة حصول المطلوب، كما قال الله تعالي للجنة:" أنت رحمتي أرحم بك من أشاء"(١).
الآية الثالثة: في العزة، وهي قوله:{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}[المنافقون: ٨].
(١) رواه البخاري (٤٨٥٠) كتاب التفسير / باب قوله تعالي: {وتقول هل من مزيد}، ومسلم (٢٨٤٦) كتاب الجنة/ باب النار يدخلها الجبارون من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.