للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا منافاة بين القرب والعلو؛ لأن الشيء قد يكون بعيدًا قريبًا؛ هذا بالنسبة للمخلوق؛ فكيف بالخالق؟! فالرب عزَّ وجلَّ قريب مع علوه، أقرب إلى أحدنا من عنق راحلته.

* هذا الحديث فيه فوائد:

- فيه شيء من الصفات السلبية: نفي كونه أصم أو غائبًا؛ لكمال سمعه ولكمال بصره وعلمه وقربه.

- وفيه أيضًا أنه ينبغي للإنسان ألا يشقَّ على نفسه في العبادة؛ لأن الإنسان إذا شق على نفسه؛ تعبت النفس وملت، وربما يتأثر البدن، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اكلفوا من العمل ما تطيقون؛ فإن الله لا يَمَلُّ حتى تَمَلُّوا" (١).

فلا ينبغي للإنسان أن يشق على نفسه، بل ينبغي أن يسوس نفسه: إذا وجد منها نشاطًا في العبادة؛ عمل واستغلَّ النشاط، وإذا رأى فتورًا في غير الواجبات، أو أنها تميل إلى شيء آخر من العبادات؛ وجهها إليه.

حتى إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر من نعس في صلاته أن ينام ويدع الصلاة؛ قال: "فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لا يدري لعله يستغفر فيسب نفسه" (٢).

ولهذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصوم حتى يقول القائل: لا يفطر،


(١) رواه: البخاري (١١٥١، ١٩٧٠)، ومسلم (٧٨٢)؛ عن عائشة رضي الله عنها.
(٢) رواه: البخاري (٢١٢)، ومسلم (٧٨٦)؛ عن عائشة رضي الله عنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>