يقدر الله عزَّ وجلَّ الجدب والمرض والموت والجروح في الإنسان وفي الحيوان، ونقول: هذا غاية الكمال والحكمة. أما ربوبية المخلوق للمخلوق؛ فربوبية ناقصة قاصرة، لا تتجاوز محلها، ولا يتصرف فيها الإنسان تصرفًا تامًّا، بل تصرفه مقيد: إما بالشرع، وإما بالعرف.
* * *
* قوله:"ومع ذلك؛ فقد أمر العباد بطاعته وطاعة رسله، ونهاهم عن معصيته".
* يعني: ومع عموم خلقه وربوبيته لم يترك العباد هملًا، ولم يرفع عنهم الاختيار، بل أمرهم بطاعته وطاعة رسله، ونهاهم عن معصيته.
وأمره بذلك أمر ممكن؛ فالمأمور مخلوق لله عزَّ وجلَّ، وفعله مخلوق لله، ومع ذلك؛ يؤمر وينهى.
ولو كان الإنسان مجبرًا على عمله؛ لكان أمره أمرًا بغير ممكن، والله عزَّ وجلَّ يقول:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلا وُسْعَهَا}[البقرة: ٢٨٦]، ويقول تعالى:{لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إلا وُسْعَهَا}[الأنعام: ١٥٢]، وهذا يدل على أنهم قادرون على فعل الطاعة، وعلى تجنب المعصية، وأنهم غير مكرهين على ذلك.