وقوله:{الْبَصِيرُ}، يعني: المدرك لجميع المبصرات، ويطلق البصير بمعنى العليم، فالله سبحانه وتعالى بصير، يرى كل شيء وإن خفي، وهو سبحانه بصير بمعنى: عليم بأفعال عباده، قال تعالى:{وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}[الحجرات: ١٨]، والذي نعمل بعضه مرئي وبعضه غير مرئي، فبصر الله إذاً ينقسم إلى قسمين، وكله داخل في قوله:{الْبَصِيرُ}،
في هذه الآية إثبات اسمين من أسماء الله، هما: السميع، والبصير. وثلاث صفات، هي: كمال صفاته من نفي المماثلة، والسمع، والبصر.
وفيها من الفوائد المسلكية: الكف عن محاولة تمثيل الله بخلقه، واستشعار عظمته وكماله، والحذر من أن يراك على معصيته أو يسمع منك مالا يرضاه.
واعلم أن النحاة خاضوا خوضاً كثيراً في قوله:{كَمِثْلِهِ}، حيث قالوا: الكاف داخلة على (المثل)، وظاهره أن لله مثلاً ليس له مثل، لأنه لم يقل: ليس كهو، بل قال:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ}، فهذا ظاهرها من حيث المعنى، لكان ظاهر القرآن كفراً، وهذا مستحيل، ولهذا اختلفت عبارات النحويين في تخريج هذه الآية على أقوال:
القول الأول: الكاف زائدة، وأن تقدير الكلام: ليس مثله شيء، وهذا القول مريح، وزيادة الحروف في النفي كثيرة، كما في