فهذا المثل الَّذي ضربه النبي عليه الصلاة والسلام مثل مصور للمعنى ومقرب له غاية التقريب.
* * *
* قوله:"ويأمرون بالصبر عند البلاء، والشكر عند الرخاء، والرضى بمر القضاء":
* "يأمرون": قد يقال: إن هذه الكلمة تشمل أمر نفوسهم؛ لقوله تعالى:{وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ}[يوسف: ٥٣]، فهم يأمرون حتَّى أنفسهم.
* "بالصبر عند البلاء": الصبر: هو تحمل البلاء، وحبس النفس عن التسخط بالقلب أو اللسان أو الجوارح.
فالصبر يكون عند البلاء، وأفضله وأعلاه الصبر عند الصدمة الأولى، وهذا عنوان الصبر الحقيقي، كما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - للمرأة التي مر بها وهي تبكي عند قبر، فقال لها:"اتقي الله واصبري، قالت: إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي ولم تعرفه، فقيل لها: إنه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم تجد عنده بوابين، فقالت: لم أعرفك، فقال: إنما الصبر عند الصدمة الأولى"(١)، أما بعد أن تبرد
(١) رواه البخاري (١٢٨٣)، ومسلم (٩٢٦)؛ عن أنس بن مالك رضي الله عنه.