للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه آية خاصة في الموضوع، وهو خلق أفعال العباد:

فقال إبراهيم لقومه: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: ٩٦].

فـ (ما) مصدرية، وتقدير الكلام: خلقكم وعملكم، وهذا نص في أن عمل الإنسان مخلوق لله تعالى.

فإن قيل: ألا يحتمل أن تكون (ما) اسمًا موصولًا، ويكون المعنى: خلقكم وخلق الذي تعملونه؟

فكيف يمكن أن نقول إن في الآية دليلًا على خلق أفعال العباد على هذا التقدير أن [ما] موصولة؟

فالجواب: أنه إذا كان المعمول مخلوقًا لله؛ لزم أن يكون عمل الإنسان مخلوقًا؛ لأن المعمول كان بعمل الإنسان؛ فالإنسان هو الذي باشر العمل في المعمول؛ فإذا كان المعمول مخلوقًا لله، وهو فعل العبد؛ لزم أن يكون فعل العبد مخلوقًا، فيكون في الآية دليل على خلق أفعال العباد على كلا الاحتمالين.

- وأما الدليل النظري على أن أفعال العبد مخلوقة لله؛ فتقريره أن نقول: إن فعل العبد ناشئ عن أمرين: عزيمة صادقة وقدرة تامة.

مثال ذلك: أردت أن أعمل عملًا من الأعمال؛ فلا يوجد هذا العمل حتى يكون مسبوقًا بأمرين هما:

أحدهما: العزيمة الصادقة على فعله؛ لأنك لو لم تعزم ما

<<  <  ج: ص:  >  >>