للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد تحدى الله العابدين للأصنام تحديًا أمرنا أن نستمع له، فقال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ}، ومعلوم أن الذين يدعون من دون الله في القمة عندهم؛ لأنهم اتخذوهم أربابًا، فإذا عجز هؤلاء القمة عن أن يخلقوا ذبابًا، وهو أخس الأشياء وأهونها؛ فما فوقه من باب أولى، بل قال: {وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ} [الحج: ٧٣]، فيعجزون حتى عن مدافعة الذباب وأخذ حقهم منه.

فإن قيل: كيف يسلب الذباب هذه الأصنام شيئًا؟!

فالجواب: قال بعض العلماء: إن هذا على سبيل الفرض؛ يعني: على فرض أن يسلبهم الذباب شيئًا؛ لا يستنقذوه منه. وقال بعضهم: بل على سبيل الواقع؛ فيقع الذباب على هذه الأصنام، ويمتص ما فيها من أطياب؛ فلا تستطيع الأصنام أن تخرج ما امتصه الذباب.

وإذا كانت عاجزة عن الدفع عن نفسها، واستنقاذ حقها؛ فهي عن الدفع عن غيرها واستنقاذ حقه أعجز.

والمهم أن الله تعالى خالق كل شيء، وأن لا خالق إلا الله؛ فيجب الإيمان بعموم خلق الله عزَّ وجلَّ، وأنه خالق كل شيء، حتى أعمال العباد؛ لقوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الرعد: ١٦]، وعمل الإنسان من الشيء، وقال تعالى: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: ٢] ... والآيات في هذا كثيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>