فإذا قال قائل: ما تقولون في قوله تعالى: {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ}[المائدة: ٥٢].
فالجواب: أن المراد بذلك إتيان الفتح أو الأمر، لكن أضاف الله الإتيان به إلا نفسه، لأنه من عنده، وهذا أسلوب معروف في اللغة العربية، فالإتيان إذا قيد بحرف جر مثلاً، فالمراد به ذلك المجرور، وإذا أطلق وأضيف إلى الله بدون قيد، فالمراد به إتيان الله حقيقة.
[الآداب المسلكية المستفادة من الإيمان بصفة المجيء والإتيان لله تعالى]
الثمرة هي الخوف من هذا المقام وهذا المشهد العظيم الذي يأتي فيه الرب عز وجل للفصل بين عباده وتنزل الملائكة، ولا يبقى أمامك إلا الرب عز وجل والمخلوقات كلها، فإن عملت خيراً، جوزيت به، وإن عملت سوى ذلك، فإنك ستجزى به، كما قال النبي عليها لصلاة والسلام:"إن الإنسان يخلو به الله عز وجل، فينظر أيمن منه، فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه، فلا يرى إلا ما قدم، وينظر تلقاء وجهه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار، ولو بشق تمرة"(١).
فالإيمان يمثل هذه الأشياء العظيمة لا شك أنه يولد للإنسان
(١) رواه البخاري (٦٥٣٩) كتاب الرقاق/ باب من نوقش الحساب عذب, ومسلم (١٠١٦) وانظر بداية الجزء الثاني.