للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الآية تكملة لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [النساء: ٥٨]، فأمر عز وجل بأن نؤدي الأمانات إلى أهلها، ومنها الشهادة للإنسان له أو عليه، وأن نحكم إذا حكمنا بين الناس بالعدل، فبين الله سبحانه وتعالى أنه يأمرنا بالقيام بالواجب في طريق الحكم وفي الحكم نفسه، وطريق الحكم الذي هو الشهادة تدخل في عموم قوله: {أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}، والحكم: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}، ثم قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ}، أصلها: نعم ما ولكن ادغمت الميم بالميم من باب الإدغام الكبير، لأن الإدغام لا يكون بين جنسين إلا إذا كان الأول ساكناً، وهنا صار الإدغام مع أن الأول مفتوح.

وقوله: {نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ}: جعل الله سبحانه الأمر بهذين الشيئين ـ أداء الأمانة والحكم بالعدل ـ موعظة، لأنه تصلح به القلوب، وكل ما يصلح القلوب، فهو موعظة، والقيام بهذه الأوامر لا شك أن يصلح القلب.

ثم قال: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً}، وقوله: {كَانَ}: هذه فعل، لكنها مسلوبة الزمن، فالمراد به الدلالة على الوصف فقط، أي: أن الله متصف بالسمع والبصر، وإنما قلنا: إنها مسلوبة الزمن، لأننا لو أبقيناها على دلالتها الزمانية، فالمراد بها الدلالة على الوصف فقط، أي: أن الله متصف بالسمع والبصر، وإنما قلنا: إنها مسلوبة الزمن، لأننا لو أبقيناها على دلالاتها الزمانية، لكان هذا الوصف قد انتهى، كان في الأول سميعاً بصيراً، أما الآن فليس كذلك، ومعلوم أن هذا المعنى فاسد باطل، وإنما المارد أنه متصف بهذين

<<  <  ج: ص:  >  >>