للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاّ بِاللَّهِ}: {مَا}: يحتمل أن تكون موصولة، ويحتمل أن تكون شرطية: فإن جعلتها موصولة، فهي خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: هذا ما شاء الله، أي: ليس هذا بإرادتي وحولي وقوتي، ولكنه بمشيئة الله، أي: هذا الذي شاءه الله. وإن جعلتها شرطية، ففعل الشرط {شَاءَ}، وجوابه محذوف، والتقدير: ما شاء الله كان، كما نقول: ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن. والمراد: كان ينبغي لك أن تقول حين دخلت جنتك: {مَا شَاءَ اللَّهُ}، لتتبرأ من حولك وقوتك لا تعجب بجنتك.

وقوله: {لاَ قُوَّةَ إِلاّ بِاللَّهِ}: {لا}: نافية للجنس. و {قُوَّةَ}: نكرة في سياق النفي، فتعم، والقوة صفة يتمكن بها الفاعل من فعل ما يريد بدون ضعف.

فإن قيل: ما الجمع بين عموم نفي القوة إلا باله، وبين قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً} [الروم: ٥٤]، وقال عن عاد: {وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً} [فصلت: ١٥]، ولم يقل: لا قوة فيهم، فأثبت للإنسان قوة.

فالجواب: أن الجمع بأحد الوجهين:

الأول: أن القوة التي في المخلوق كانت من الله عز وجل، فلولا أن الله أعطاه القوة، لم يكون قوياً، فالقوة التي عند الإنسان مخلوقة لله، فلا قوة في الحقيقة إلا بالله.

<<  <  ج: ص:  >  >>