للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفعل، كالخلق هنا. اليدين اللتين بهما يقبض: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الزمر: ٦٧]، وبهما يأخذ، فإن الله تعالى يأخذ الصدقة فيربيها كما يربي الإنسان فلوه (١).

وقوله: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}: فيها أيضاً تشريف لآدم عليه الصلاة والسلام، حيث خلقه الله تعالى بيده.

قال أهل العلم: وكتب الله التوراة بيده، وغرس جنة عدن بيده (٢).

فهذه ثلاثة أشياء، كلها كانت بيد الله تعالى.

ولعلنا بالمناسبة لا ننسى ما مر من قول النبي عليه الصلاة والسلام: "إن الله خلق آدم على صورته" (٣) , وذكرنا أن أحد الوجهين الصحيحين في تأويلها أن الله خلق آدم على الصورة التي اختارها واعتنى بها، ولهذا أضافها الله إلى نفسه إضافة تشريف


(١) لما رواه البخاري (١٤١٠) كتاب الزكاة/ باب لا يقبل الله صدقة من غلول"، ومسلم (١١٤) كتاب الزكاة/ باب قبول الصدقة من الكسب الطيبعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أحدكم ليصدق بالتمر من طيب, ولا يقبل الله إلاّ طيباً, فيجعلها الله في يده اليمنى, ثم يربيها كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله حتى تصير مثل أحد".
(٢) رواه الدارمي في "الرد على بشر المريسي" (ص ٣٥) , الحاكم (٢/ ٣١٩) , والبيهقي في "الأسماء والصفات" (ص ٣٠٤) , عن ابن عمر موقوفاً. وصححه الحاكم, ولم يتعقبه الذهبي, وهو كما قالا, والحديث له حكم الرفع. وانظر: "مختصر العلو" (١٠٤) , و"حادي الأرواح" لابن القيم (٨٤).
(٣) تقدم تخريجه ص (١٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>