فعلم الآن أن الجمع بين المفرد والتثنية سهل، وذلك أن هذا مفرد مضاف فيعم كل منا ثبت لله من يد.
وأما بين التثنية والجمع، فمن وجهين:
أحدهما: أنه لا يراد بالجمع حقيقة معناه ـ وهو الثلاثة فأكثر ـ بل المراد به التعظيم كما قال الله تعالى: {إنَّا} و {نَحْنُ} و {وقُلْنَا} .... وما أشبه ذلك، وهو واحد، لكن يقول هذا للتعظيم.
أو يقال: إن أقل الجمع اثنان، فلا يحصل هنا تعارض.
وأما قوله تعالى:{وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ}[الذاريات: ٤٧]، فالأيد هنا بمعنى القوة، فهي مصدر آد يئيد، بمعنى: قيد، وليس المراد بالأيد صفة الله، ولهذا ما أضافها الله إلى نفسه، ما قال: بأيدينا! بل قال: {بِأَيْدٍ}، أي: بقوة.
ونظير ذلك قوله تعالى:{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}[القلم: ٤٢]، فإن لعلماء السلف في قوله:{عَنْ سَاقٍ}: قولين:
القول الأول: أن المراد به الشدة.
والقول الثاني: أن المراد به ساق الله عز وجل.
فمن نظر إلى سياق الآية مع حديث أبي سعيد (١)، قال: إن المراد بالساق هنا ساق الله. ومن نظر إلى الآية بمفردها، قال:
(١) رواه البخاري (٧٤٣٩) من حديث أبي سعيد رضي الله عنه في كتاب التوحيد/ باب قوله تعالى: "وجوه يومئذ ناظرة"، ومسلم (١٨٣) كتاب الإيمان/ باب معرفة طريق الرؤية.