والخبر والاستخبار, وتبقى كأنها صور ونقوش لا تفيد شيئاً.
ولهذا قال ابن القيم في "النونية": "إن هذا القول يبطل به الأمر والنهي؛ لأن الأمر كأنه شيء خلق على هذه الصورة دون أن يعتبر مدلوله، والنهي خلق على هذه الصورة دون أن يعتبر مدلوله, والنهي خلق على هذه الصورة دون أن يقصد مدلوله، وكذلك الخبر والاستخبار".
ثالثاً: إذا قلنا: إن القرآن مخلوق، وقد أضافه إلى نفسه إضافة خلق؛ صح أن نطلق على كل كلام من البشر وغيرهم أنه كلام الله؛ لأن كل كلام الخلق مخلوق، وبهذا التزم أهل الحلول والاتحاد؛ حيث يقول قائلهم:
وكل كلام في الوجوه كلامه ... سواء علينا نثره ونظامه (١)
وهذا اللازم باطل، وإذا بطل اللازم بطل الملزوم.
فهذه ثلاثة أوجه تبطل القول بأنه مخلوق.
والوجه الرابع: أن نقول: إذا جوزتم أن يكون الكلام-وهو معنى لا يقوم إلا بمتكلم – مخلوقاً؛ لزمكم أن تجوزوا أن تكون جميع صفات الله مخلوقة؛ إذ لا فرق؛؛ فقولوا إذا: سمعه مخلوق, وبصره مخلوق .... وهكذا.
فإن أبيتم إلا أن تقولوا: إن السمع معنى قائم بالسامع لا
(١) البيت لابن عربيو وقد ذكره في كتابه "الفتوحات المكية" (٤/ ١٤١) , انظر: "منهاج السنة" لشيخ الإسلام (٢/ ٣٧٣).