* وأما الوعيديَّة؛ فقابلوهم، وغلَّبوا جانب الوعيد، وقالوا: أي كبيرة يفعلها الإنسان ولم يتب منها؛ فإنه مخلَّد في النار بها: إن سرق؛ فهو من أهل النار خالدًا مخلدًا، وإن شرب الخمر؛ فهو في النار خالدًا مخلدًا ... وهكذا.
والوعيدية يشمل طائفتين: المعتزلة، والخوارج. ولهذا قال المؤلف:"من القدرية وغيرهم"؛ فيشمل المعتزلة -والمعتزلة قدرية، يرون أن الإنسان مستقل بعمله، وهم وعيدية- ويشمل الخوارج.
فاتفقت الطائفتان على أن فاعل الكبيرة مخلد في النار، لا يخرج منها أبدًا، وأن من شرب الخمر مرة؛ كمن عبد الصنم ألف سنة، كلهم مخلَّدون في النار، لكن يختلفون في الاسم؛ كما سيأتي إن شاء الله في الباب التالي.
* وأما أهل السنة والجماعة؛ فيقولون: لا نغلب جانب الوعيد كما فعل المعتزلة والخوارج، ولا جانب الوعد كما فعل المرجئة، ونقول: فاعل الكبيرة مستحق للعذاب، وإن عذِّب؛ لا يخلد في النار.
* وسبب الخلاف بين الوعيدية وبين المرجئة: أن كل واحد منهما نظر إلى النصوص بعين عوراء؛ ينظر من جانب واحد.
- هؤلاء نظروا نصوص الوعد، فأدخلوا الإنسان في الرجاء، وقالوا: نأخذ بها، وندع ما سواها، وحملوا نصوص الوعيد على الكفار.