وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله تعالى.
- ولكن أورد على هذا القول قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (١٦)} [ق: ١٦] فالمراد بـ {الْإِنْسَانَ}: كل إنسان، ولهذا قال في آخر الآية:{لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ...} إلى أن قال: {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ}[ق: ٢٢ - ٢٣]؛ فهو شامل.
- وأورد عليه أيضًا قوله تعالى: {وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (٨٤) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ} [الواقعة: ٨٣ - ٨٥]، ثم قسم هؤلاء الذين بلغت أرواحهم الحلقوم إلى ثلاثة أقسام، ومنهم الكافر.
- وأجيب عن ذلك بأن قوله:{وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}[ق: ١٦]؛ يعني: بملائكتنا، واستدل لذلك بقوله:{إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ}[ق: ١٧]؛ فإن {إِذْ} ظرف متعلق بـ {أَقرَبُ} يعني: ونحن أقرب إليه حين يتلقى المتلقيان، وهذا يدل على أن المراد بقربه تعالى قرب ملائكته.
وكذلك قوله في المحتضر:{وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}: المراد: قرب الملائكة، ولهذا قال:{وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ}[الواقعة: ٨٥]، وهذا يدل على أن هذا القريب موجود عندنا، لكن لا نبصره، وهذا يمتنع غاية الامتناع أن يكون المراد به الله عزَّ وجلَّ؛ لأن الله في السماء.