وخرجوا من المدينة لا يريدون قتالًا، لكن الله عزَّ وجلَّ بحكمته جمع بينهم وبين عدوهم.
فلما سمع أبو سفيان بذلك، وأن الرسول عليه الصَّلاة والسلام خرج إليه لتلقي العير؛ أخذ بساحل البحر، وأرسل صارخًا إلى أهل مكّة يستنجدهم، فانتدب أهل مكّة لذلك، وخرجوا بأشرافهم وكبرائهم وزعمائهم، خرجوا على الوصف الذي ذكر الله عزَّ وجلَّ:{بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ}[الأنفال: ٤٧].
وفي أثناء ذلك جاءهم الخبر أن أبا سفيان نجا بالعير، فتآمروا بينهم في الرجوع، لكن أبا جهل قال: والله؛ لا نرجع حتى نقدم بدرًا، فنقيم فيها ننحر الجزور ونسقي الخمور وتضرب علينا القيان وتسمع بنا العرب؛ فلا يزالون يهابوننا أبدًا!!
وهذا الكلام يدل على الفخر والخيلاء والاعتزاز بالنفس، ولكن -ولله الحمد- كان الأمر على عكس ما يقول؛ سمعت العرب بهزيمتهم النكراء، فهانوا في نفوس العرب!!