يستلزم فعل هذا الإحسان ألا يصلي مع الجماعة؛ فهنا لا يجوز الأمر بهذا المعروف؛ لأنه يؤدي إلى ترك واجب من أجل فعل مستحب.
وكذلك في المنكر لو كان إذا نهى عن هذا المنكر؛ تحول الفاعل له إلى فعل منكر أعظم؛ فإنه في هذه الحال لا يجوز أن ينهى عن هذا المنكر دفعًا لأعلى المفسدتين بأدناهما.
ويدل لهذا قوله تعالى:{وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ}[الأنعام: ١٠٨]؛ فإن سب آلهة المشركين؛ لا شك أنَّه أمر مطلوب، لكن لما كان يترتب عليه أمر محظور أعظم من المصلحة التي تكون بسب آلهة المشركين، وهو سبهم لله تعالى عدوًا بغير علم؛ نهى الله عن سب آلهة المشركين في هذه الحال.
ولو وجدنا رجلًا يشرب الخمر، وشرب الخمر منكر، فلو نهيناه عن شربه؛ لذهب يسرق أموال الناس ويستحل أعراضهم؛ فهنا لا ننهاه عن شرب الخمر؛ لأنه يترتب عليه مفسدة أعظم.
الشرط السادس: أن يكون هذا الآمر أو الناهي قائمًا بما يأمر به منتهيًا عما ينهى عنه، وهذا على رأي بعض العلماء، فإن كان غير قائم بذلك؛ فإنه لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر؛ لأن الله تعالى قال لبني إسرائيل:{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}[البقرة: ٤٤]؛ فإذا كان هذا الرجل لا يصلي؛ فلا يأمر غيره بالصلاة، وإن كان يشرب الخمر؛ فلا