للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن زاد على ذلك أن يستطيل على الآخرين ويقول: ماذا أنتم عندي؟ فيكون هذا فيه بغي واستطالة على الخلق.

والخيلاء تكون بالأفعال؛ يتخايل في مشيته وفي وجهه وفي رفع رأسه ورقبته إذا مشى، كأنه وصل إلى السماء، والله عزَّ وجلَّ وبخ من هذا فعله، وقال: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا} [الإسراء: ٣٧].

فأهل السنة والجماعة ينهون عن هذا، ويقولون: كن متواضعًا في القول وفي الفعل، حتى في القول، لا تثن على نفسك بصفاتك الحميدة؛ إلا حيث دعت الضرورة أو الحاجة إلى ذلك؛ كقول ابن مسعود رضي الله عنه: "لو أعلم أحدًا هو أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل؛ لركبت إليه" (١)؛ فإنه رضي الله عنه قصد بذلك أمرين:

الأول: حث الناس على تعلم كتاب الله تعالى.

والثاني: دعوتهم للتلقي عنه.

والإنسان ذو الصفات الحميدة لا يظن أن الناس تخفى عليهم خصاله أبدًا، سواء ذكرها للناس أم لم يذكرها، بل إن الرجل إذا صار يعدد صفاته الحميدة أمام الناس؛ سقط من أعينهم؛ فاحذر هذا الأمر.

* والبغي: العدوان على الغير، ومواقعه ثلاثة بينها الرسول


(١) رواه مسلم (٢٤٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>